كَرِّيقْ : (س) م كَرُّوق نوبية أعقاب جريد النخل
في العامّية السودانية: في وصف الفارس بالتمساح: “ابو كرّيق” من أسماء التمساح في دوارج السودان النيلي”أبو كرّيق”،
ولفظة “كرّيق” ومفردها “كرّوق”، نوبية الأصل، وتطلق على أعقاب جريد النخل الملويّة المعكوفة المعقوفة، ممّا يلي الجذع. وتطلق ايضاً، على سبيل المجاز، على التمساح، تشبيهاً لنتوءات ظهره بأعقاب الجريد التي تكسو جذع النخلة.
وفي ( قاموس اللهجة العامية في السودان)، لأستاذنا عون الشريف، رحمه الله: “..كرّوق: الأجزاء الناشئة من أصول الجريدة على ساق النخلة. الجمع كرّيق، ومن ذلك جاءت تسمية النتوءات على ظهر التمساح بالكرّيق، فيقولون: التمساح ابو كرّيق، وهو مكرّق… قال الشايقي:
أب كرّيق جا صدّوا السعية: التمساح أتى، أبعدوا البهائم”
وتتّسع دلالة “كرّيق” لتعني العريشة المصنوعة من جريد النخل، فيطلق عليها على سبيل المجاز، لفظ” كرّقة”، ويعمّ اللفظ وتتّسع دلالته ليعني العريشة مطلقاً، لا يهمّ أصنعت من جريد أم من قصب، ويقابله في سائر بقاع السودان لفظ “الراكوبة”. وأتى علينا زمان كنا نعجب فيه من أهلنا في دنقلة، إذ يطلقون لفظ “كرّقة” عندما يفدون إلينا في نيالا، على ما درجنا على تسميته “راكوبة”.
وتسري على “كرّقة” قوانين التعريب، فتُجمع على “كرارق”، على وزن سلالم. وممّا أورده أستاذنا عون الشريف في قاموسه، قول الشايقي:
إن شاء الله عاد، بعد “الكرارق” أبني حيشان..”
ومن مرادفات “كرّيق”، التي لم يكتب لها الذيوع، والتي تطلق على أعقاب جريد النخل، في لهجة “الخندق”،( وربما في غيرها؟) بمديرية دنقلة بشمال السودان، قولهم “العكف”، واللفظ عربي ورد ذكره في معاجم الفصحى، تحت مادّة: “ع ك ف”. وممّا نسب إلى ابن عباد في (تاج العروس): “…العكِف، ككتِف، الجعد من الشعر، وقال ابن دريد: عُكَيف كزُبير، اسم…وشعر معكوف أي ممشوط مضفور…وعُكِّف الشعر أي جُعِّد، والمُعكّف كمُعظّم، المعوّج المعطّف..”
ويمكن إرجاع “العكف” إلى مادة “ع ق ف”، بما يتّفق وقواعد الدوارج العربية السودانية التي يتحول فيها صوت “القاف المجهورة” إلى كاف مهموسة، وفق شروط معلومة، كما في “كتل” و”قتل”.
وممّا ورد في (لسان العرب): “..العقف العطف والتلوية… والأعقف المنحني المعوجّ، وظبي أعقف، معقوف القرون، والعقفاء من الشياه التي التوى قرناها على أذنيها، والعقّافة خشبة في رأسها حجنة يمدّ بها الشيء كالمحجن، والعقفاء حديدة قد لُوِي طرفها. وفي حديث القيامة: وعليه حسكة مفلطحة لها شوكة عقيفة، أي ملوية كالصنارة..”
هذا، وممّا اشتهر في التاريخ الحديث، الصليب “المعقوف” الذي يرمز للحركة النازية في ألمانيا، على أيام أدولف هتلر.
هذا، وكثيراً ما يشبّه الفارس في السودان النيلي بالتمساح، ويطلق عليه، على سبيل المجاز “أبو كريّق”، وممّا خلّده التراث الشعبي، أبيات أم كلثوم بنت محمد الجابرية، في رثاء خالها الفارس نقد الله ود عمر(ت. ١٨٨٢م.) وتعداد مآثره:
اب كرّيق في اللجج
سدّر حبس الفجج
عشميق حبل الوجج
انا اخويا، مقلام الحجج…
ومن ذلك أيضاً رثاء رقية بنت محمد لأخيها عبد القادر محمد إمام ود حبوبة (أعدم شنقاً في مايو ١٩٠٨)، ووصفها لمناقبه فشبهته، تارة بالتمساح “ود اب كريق”، وتارة أخرى بالأسد “أبو رسوة”، وهو يخطو في بسالة وثبات وإقدام، إلى حبل المشنقة بعد أن توضّأ فأحسن الوضوء:
إن جات بالمراد والضراع مطلوق
ما بينشنق ود اب “كريق” في السوق
الإعلان صدر واتلمّت المخلوق
في عيني بشوف اب رسوة طامح فوق.
تنزّلت على قبره الرحمات.
د. مصطفى أحمد علي
الرباط، مارس ٢٠٢١م.