المقدمة:
قال تعالي في محكم تنزيله (ومن ءايته خلق السموات والأرض وإختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لأيت للعالمين) سورة الروم أية 22
من سجايا الحضارة البشرية إهتمامها بالبحوث المتعلقة بلغات مختلف ألسن الإنسان خصوصا حضارتنا الماثلة إ ن تترجل صوب مواطن الإنسان تلك القوافل التي تجد بالطروء في أوساط الجماعات البشرية سعيا لمعرفة ثقافاتها وتراثها. ولعل الهدف من هذه الجهود التواصل والتوصل لمعرفة القواسم المشتركة بين بني البشر طالما كانوا جميعا كما تبين المدونات البشرية دينية كانت أو غيرها, إنما ينحدرون من أصل واحد الشيئ الذي تؤكده مباحث العلم الحديث. وقد كانت لغة الفور ومازالت أحد تلك اللغات التي ما فتئت تستحوذ علي إهتمام علماء ألسن اللغات بالرغم من أن الناطقين بها أصالة قد تخلفوا كثيرا عن إيلاء لغتهم الإهتمام والرعاية التي هي جديرة بها من حيث تصدرها أسبقية الكلام بالنسبة للإنسان اينما وكيفما يكون لسانه الاول. ومع هذا لايسعنا سواء شكر أولئك الحادبين من أجيال الفور الجديدة علي بذلهم الجهود التي أوصلتهم لتأسيس منابر تعليم هذه اللغة في مختلف أصقاع بلاد القارات خصوصا أوروبا وأسيا وأمريكا مما نأمل أن تتواصل هذه الجهود للتبشير بها إلي حيث لم تتاح لها فرصة الطروء. في هذا الصدد ينبغي أن نخص بالشكر أيضا أولئك العلماء من الرعيل الأول الذين كشفوا النقاب بكتاباتهم عن هذه اللغة, والثناء موصول للاحقين منهم السيد/ A.G.Beaton-والسيدة/ أنجليكا جاكوبي لإسهامهما القيم في التعريف بلغة الفور.
ماهية اللغة:
تعتبر لغة أي إنسان أداة للتعريف فيما بينهم يستوي في هذا إن كانت مشفوهة أو مقروءة أو موحي بها عبر الإشارات, وبذا تكون في مثاب الحواس الخمسة التي تكامله, وهي: السمع, البصر, الشم, الذوق واللمس, والتي هي أس (الكروبيم) إلي جانب الضمير الذي يشار إليه ( ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة-ت/3).
ويعتمد الإفصاح باللغة علي الحرف الذي نصطلح علي تسمية مجموعه بإسم (ألفابيت) والتي تجعل في مقدورنا تأليف الكلام وتوصيلها للأخر أسماء كانت أو غيرها من ألفاظ التعبير المترجمة لما تخالج أنفسنا من أحاسيس وما يعتمل في جوانحنا من المشاعر. لذا تشكل غزارة مخزون هذه الألفاظ في اي لغة الفيصل بين المعرفة التي نصطلح علي تسميتها بالثقافة وضده. حيث أن في مقدور ثقافة اي لغة الصمود في وجه أختراقات غيرها من اللغات, مثلما بوسعها منازلتها بالفهم والوعي والإستحواذ علي فضاءاتها كما هو حال اللاتينية بما لها من ثقل اليوم. إذ تتمدد بثبات فتغرز جذورها في واقع غيرها من ألسن اللغات. برغم أنها أيضا قد كرعت كغيرها منذ المهد من نبع الأصل الواحد الذي هو لسان جميع البشر في الأول. نستدل بهذا بما جاء في الكتاب المقدس كأحد أسبق المصادر التي تحدثت عن اللغة مما جاء فيه (1/في البدء كان الكلمة والكلمة كان عندالله وكان الكلمة الله-2/هذا كان في البدء عند الله-3/كل شيئ به كان وبغيره لم يكن شيئ مماكان-4/فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس-5/والنور يضيئ في الظلمة والظلمة لم تدركه-يوحنا/1).
من جهته يذكر القرءان الكريم (إقرأ بإسم ربك الذي خلق-1/خلق الإنسان من علق-2/إقرأ وربك الأكرم-3/الذي علم بالقلم-4/علم الإنسان مالم يعلم-5/سورة إقرأ).
لقد ذهب بعض علماء اللغة إلي القول (من المعروف أن اللغة يمكن أن تكون في الكثير من الاحيان مؤشرا مفيدا عند البحث عن أصل الأقوام/ الدكتور صالح أحمد العلي-العراق في التاريخ القديم-ص/66-بغداد 1983).
وحيث أن تعريف اللغة عند الفور بمسمي (بله-Bilingue ). فقد أشار إليه العلامة أبن منظور بالقول (بله/ بله اللسان وقوعه علي مواضع الحروف وإستمراره علي المنطق. تقول: ما احسن بله لسانه, أي طوعه بالعبارة وإسماحه وسلاسته ووقوعه علي مواضع الحروف/لسان العرب/م1-من أ-ح-ص 349.
ويذكر المؤلف-جيمس فريزر-في كتابه (أما كون-بلل-بالارامية فهي الصيغة الشائعة المستخلصة من العقل-بلل-الفلكلور في العهد القديم-ص/229-الهيئة المصرية العامة للكتاب 1972م).
ويذكر العلامة إبن كثير في كتابه (أن نوحا إبتني قرية وسماها-ثمانين-فأصبحوا ذات يوم وقد-تبلبلت-ألسنتهم علي ثمانين لغة وكان بعضهم لايفقه كلام البعض الأخر فكان نوح يعبر عنهم/البداية والنهاية-م أ/ص 162).
بالإتطرات فيما جاء عن الكلمة-بلبل-فقد ورد أيضا (تقول أسطورة قبيلة-ميكير-أحد قبائل التبت البورمية أن نسل-رام-كان قويا في الزمن القديم, ولما لم يقتنعوا بالسيادة علي الأرض فكروا في غزو السماء, حيث خشية الألهة والشياطين علي سيطرة هولاء المردة علي السماء أيضا-بلبلت-الالهة السنتهم وشتتهم في أركان الأرض الأربعة/جيميس فريزر-الفلكلور في العهد القديم-ص/229). بالغور في فضاءات لغة الفور وأحسبها-سريانية-المولد من واقع خصوصيتها كلسان يوفي الكلام حقه بالتأليف منطقا والتعبير إفصاحا في كافة مناحي المعرفة حيث أنها أول من جري التحدث بها مما يشير القرءان الكريم بالذكر (وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضها علي الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هولاء إن كنتم صادقين-31/قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا أنك أنت العليم الحكيم-32/قال ياادم أنبئهم بأسماءهم فلما أنباهم قال الم اقل لكم إني اعلم غيب السموات والارض وأعلم ما تبدون وما تكتمون) سورة البقرة.
من ثم فأن ما اخبر ادم به هو سر تلقاءه من لدن الخالق عزوجل نفسه, وقد أصطلح علي تسمية لغته بالسريانية, المدلول الذي يتكون من –سر/وهو السر المتعارف عربيا عليه, والكلمة-أني/بمعني أعطيته-في إشارة إلي الخالق الذي اطلعه علي هذا السر.
جدير بالذكر أن الملائكة كانوا يعرفون في قديم اللغة بإسم-سروفيم-المدلول الذي صوابه- سررا/فيم-أي أصفياء الفهم من حيث جاء (ياايها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة/عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون-6/التحريم).
إن الكلام اداة مشافهة أسها الحروف وقد قال علماء العربية أن الكلمة تتركب من حرفين وأكثر, ولئن جاز هذا القول بإيزاء اللغة العربية إلا أنه يتناقض مع لفة الفور التي فيها يعني الحرف كلمة مستقلة بذاتها وبدلالة موضوعية منطقية كمثال الحرف, آ/ حيث هو بمعني, خلقت, أوفعلت, كما في – آ/مين- ويعني شاكر لك, وكذلك, آ /مون-وهو بمعني, وافر النعم, آ /وا- بمعني, قلت كن, آ /دم , النفس المخلوقة, ب/بمعني ضعوا, ت/بمعني النعم والخيرات كلها-س/الحين-إلخ. هذا إلي جانب اللاتينية كمثال, حرف A/بمعني هو, B/ بمعني أنتم, C/ بمعني البحر, L/ بمعني جاء-وإلي غير ذلك. من ثم تعد لغة الفور اللغة التي تنبثق من المصدر الاصل كمثال:
الماء/كورو:
ويشتق منها علي سبيل المثال 1/كورو-الماء -2/كررو/ الخضرة أو الإخضرار- 3/كرو/الشجرة- 4/كرو/القرد-5/كروو/الغراب-6/كرو/أعمي فاقد ماء البصر-7/دي/أي المذكر رجلا كان أو غيره-8/ديي/الدهن والمني-9/دي/الرماد مما يستخلص من الصوديوم والبوتاسيوم-10/داي/كل الحشائش التي عند إحتراقها تحول إلي الرماد (الصوديوم والبوتاسيوم)-11/ديل/الخلاصة التي تتبع المولود أي المشيمة-12/دينق/الجذر التي تتغذي به أجسام الكائنات الحية-13/دين/غذاء الروح-إلخ.
مصدر الكلمة- بلبل:
بإجماع فقهاء اللغة العربية جري الإتفاق بأن الكلام مشتق من المصدر-بلبل- من ثم تتميز لغة الفور بإصالة تعريفها للكلام بإسم بله- مما أسهب الكتاب المقدس في إيراده بالقول (1/وكانت الأرض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة-2/وحدث في إرتحالهم شرقا أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار وسكنوا هنالك-3/وقال بعضهم لبعض هلم نصنع لبنا ونشويه شيا. فكان لهم اللبن مكان الحجر وكان لهم الحمر مكان الطين-4/وقالوا هلم نبن لإنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء. ونصنع لإنفسنا إسما لئلا نتبدد علي وجه كل الأرض-5/فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو أدم يبنونهما-6/وقال الرب هو ذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم وهذا إبتداءهم بالعمل. والان لايمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه-7/هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتي لايسمع بعضهم لسان بعض-8/فبددهم الرب من هناك علي وجه كل الأرض فكفوا عن بنيان المدينة-9/لذلك دعي إسمها بابل لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض ومن هناك بددهم الرب علي وجه كل الأرض-ت/11).
تعريف بمدلول المصطلحات:
يصطلح الفور علي تعريف الإرتحال بالكلمة-كوس-التي صارت إسم علم يقصد بها المساحة الجغرافية لدولة السودان تمييزا لها عن غيرها من بلاد السود في افريقيا القارة. وقد أخطأ المؤرخون والكتاب بإبدال لفظها إلي- كوش- Kush- برغم تشابه اللفظين, إلا أن من المتعذر تعليل اللفظ – كوش- بأي لغة من لغات النوبا. مثلما أخطأوا أيضا في تسميات الاخري من الأغراض في بلاد السودان كمثال-تانقسو-Tangsuالذي بمعني أرض الخيرات في إشارة إلي سودان نهر النيل حصريا مما لفظوه- تانهسو- وأيضا إسم نهر النيل-ا/بيي-بمعني ماء الشرب فصار يلفظ-هابي-Habi.
وحيث أن الإرتحال كان شرقا- سبا- فذالك يدل بأنهم وفدوا إليه قادمين من البلاد التي تقع إلي الغرب من نهر النيل حيث كان موطنهم دارفور. وحري بالقول أن الذي يتوجه صوب الشرق في سيره مقبلا إليه من جهة الغرب تسليما, علما بأن حيثيات هذا الحدث إنما تتصل بإرتحال- نوو/نوح عليه السلام وقومه الذين ينتسبون إليه بالكنية – فور نوونق- بمعني قوم نوح علي جري عادة السلف الذين كانوا يعرفون بإسماء أعيانهم في القديم كمثال, قوم إبراهيم, قوم يعقوب, قوم هود, قوم صالح, قوم شعيب, الخ. ويلاحظ أن المدلول او الكلمة- فور بالإنجليزية For/ وليس Fur/من صميم كلمات اللغة اللاتينية For/التي تستخدم للدلالة علي الملكلية او التبعية. وبهذا أشير إلي انه مازالت في دارفور الناحية التي تعرف إلي يومنا هذا بإسم- فرنونق- في شمال دارفور بالرغم من منهج تغيير تسميات الاماكن والديار الذي طال العديد من ديار هذه البلاد.
وجدوا بقعة:
البقعة مدلول يقصد به موقع فضاء في إمتداد مساحة الأرض ويلفظها الفور- بوقا-كمثال الناحية- بوقا- في منطقة الإدارة الأهلية- ليون- بجبل مرة, وكذلك- بوقا-موضع في داخل مسكن العائلة الحافة التي يستقر عليها هيكل هرم البناء ويعرف أيضا بإسم كاجا/ك, جا- مما توضع عليها للإخفاء الأغراض الصغيرة أو الدقيقة حرصا من الضياع, بينما تشتهر بعض مدن السودان بإسم – البقعة- مثل أمدرمان البقعة, سنار البقعة-إلخ غير ذلك.
شنعار:
إن صواب هذا الإسم باللفظ – سنار- ويتكون من كلمتين هما- سينج/بمعني-الحذر-كمثال- سينج/الذي يلفظ – زنج- في إشارة إلي العنصر الذي يصطلح علي تعريفه بإسم-الزنج/الزنوج, وبصددهم عرف قدماء العرب الناحية- زنجبار/وصوابه-سينج/بار- أي بحر الحذر في إشارة علي الزنوج من جهة حذرهم الشديد في التعامل قديما مع غير جنسهم كما عرف به البحر في تلك الناحية بإسم بحر الحذر نظرا لجم المخاطر التي تتعرض لها السفن عند إبحارها في تلك المياه, مثلما تعرف بعض القري في دارفور بالأسماء التي تشير إلي الحذر كمثال-سينج جو/أي ابقي علي حذر, والقرية – سينج جيوا/أي اقدف بحذر, هذا فضلا عن إسم القرية- سينج جا-في نهر النيل والتي تكتب-سنجه- وهو بمعني , اعمل بحذر أو كن حذرا. واللفظ الاخر هو- نقار- بمعني, يقتسم من القسمة, من ثم يكون مدلول الإسم- سنار- بمعني الإقتسام الجذر, وبصدده يذكر الرواة الفور أنهم وجماعات – الفونج- من ارومه واحدة وكذلك الداجو, وعند إرتحالهم من دارفور إلي نهر النيل إقتسموا هنالك أرض البلاد فيما بينهم مما إستوطن- الفونج- من سنار وإلي الجنوب مجتازين المجاهل (كوس تيه) عابرين المستنقعات (ئير) بينما أستوطن الفور إلي الشمال منهم حتي (مسري/مصر) التي فيها تفيض مياه الأنهار المنحدرة من الجنوب والغرب (وادي هور).
نصنع لبنا:
يقصد باللبن النيئ من قوالب الطين المصنع طوبا قبل حرقه (شيه) وهي الطمي المتراكم التي تدفع المياه به من مرتفعات البلاد عبر الأنهار وسيول الأمطار.
الحمر:
هو طحين الطوب المحرق مما كان يستخدم في البناء (خفجة) كما يظهر ذلك في المباني القديمة التي شيدت منذ أزمنة خلت حيث كانت مثالا لتماسك ومتانة بنيانها الشيء الذي يدل علي أسبقية النوبا في معرفة الأسمنت.
مدينة:
ذكر اهل التواريخ (روي علياء إبن أحمر عن عكرمه عن إبن عباس, قال: كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا مع أهلوهم ,انهم كانوا في السفينة مائة وخمسون يوما, فبعث الله الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين, فعرف نوح أن الماء قد نضبت فهبط إلي أسفل الجودي (سلسلة جبال في جبل مررا) فإبتني قرية وسماها- ثمانين- فأصبحوا ذات يوم وقد- تبلبلت- ألسنتهم علي ثمانين لغة, وكان بعضهم لايفقه كلام بعض, فكان نوح يعبر عنهم/أبو الفداء الحافظ إبن كثير/البداية والنهاية-م 1-ص/120-دار الحديث القاهرة).
إن من المرجح أن تكون المدينة المشار إليها هي- سنار/شنعار- حيث تعرف بإسم-سنار البقعة, وكذلك سنار المدينة. وبصددها أورددت صحيفة أجراس الحرية العدد 8397 بتاريخ 14 يناير 2006م الصفحة الخامسة موضوعا عن-ديوان الشجرة/للشاعر أزهري الحاج. وقام بتقديم هذا الديوان الكاتبة- مها زكي- وأشارت إلي المقطع القائل (بيبانك الثمانين مفتوحة) مما أعتقد بانها إشارة إلي مدينة نوح عليه السلام, برغم ما كان يحكي بأن المدينة المشار إليها كانت تقع في المكان الذي شيد فيه خزان سنار فضاعت معالمها.
نصنع لإنفسنا (إسما):
برغم قول المتكلمين بأن الاسماء لا تعلل , الا أن الحقيقة غير ذلك, خصوصا في ثقافة تراث اللغات النوبية السودانية لأن كنياتهم إنما تنبثق من كم المهام التي كانوا يناطون بها فصارت أسماء علم تدل علي هوياتهم للتعريف بهم أينما تفرقوا , الحدث الذي يميزهم عن غيرهم كمثال:-
المحس:
وصوابه باللفظ – ماس Mas كما فيChristmas أي وليمة الميلاد وبالفورKringmas-وهم الذين كانوا يقومون بإعداد موائد الطعام في مائدة القربان إبان عصور الحضارة المروية.
فاديجا:
وصوابه باللفظ – فودي/جا- أي الذين يتولون ترتيب عرش بلاط الحكم في حضارة النوبا.
فونج:
وصوابه باللفظ كما هو- فونج- وباللاتينية Fonem وهم الذين كان يناط بهم نفخ الأبواق والتي تعرف بإسم-واسا/بمعني, ألا قد أخبرته, وليس, وازا- كما هو شائع علما بأنه طقس ديني أشار الكتاب المقدس إليه.
باريا:
الأصل فيه هو- بار,يو,آ- بمعني الذين يعملون في البحر أي (مراكبية).
كوكان:
وهو بمعني- رعاء الأبقار, كو/ابقار- كان/نرعي, نحرس.
ميدوب:
الأصل فيه هو- مي/دوب- اي السقاه ,مي/الماء,دوب/دوبي, السقا,علما بانهم كانوا يغيثون سكان نهر النيل بالماء عندما حل الجفاف فيه ويقال انه قد استمر لمدة مائة عام وبسببه هاجر يعقوب وبنيه الي مصر. وقد كان الميدوب يقتنون الاعداد الكثيرة من الابل صغيرة الحجم وسريعة المشي والحركة بالقياس الي ابل اليوم .
قبط:
والاصل فيه هو- قب/تي- اي كاتم السر,قب/السر,من الغيبة ,تي/يكتم .وقد كانو كهنة المعابد في الحضارة النوبية الذين يعرفون علوم الدين والمعارف الاخري(انظر ماجاء عنهم في كتاب-قصص الانبياء/تاليف عبد الوهاب النجار,تحت عنوان- حديث عن القبط – ص/161).
هلم ننزل (ونبلبل):
كما سلف القول بان الفور يعرفون الكلام/اللغة,باسم (بله)ومصدره- بلبل- كما جاء ايضا في ما اورده – ابي حنيفه احمد ابن داوود الدينوري- حيث ذكر(وفي زمان-جم- وأحسبه نوح عليه السلام/تبلبلت الالسن ببابل وكان كلام الجميع السريانية (لسان الفور)وهي لغة نوح عليه السلام فاصبحو ذات يوم وقد تبلبلت السنتهم وتغيرت الفاظهم – الاخبار الطوال-ص/2-جامعة الاسكندرية).
وبقراءة مشفوعة بما سبق يتضح ان السريانية (لغة الفور)هي اللغة الاولي التي بها تحدث الانسان وقد توزعت اصولها حينما تفرقت الجماعا ت وبرغم ذلك يمكن لاي باحث في لغته اكتشاف صلتها مع الاخر بتتبع نمط الالفاظ والمدلولات التي تصادفه.حيث اشار بعض العلماء ضمنا الي هذا حينما اورد الموالف-جيمس فريزر-في كتابه عندما ذكر:-(لم يذكر كاتبو سفر التكوين شيئا عن طبيعة اللغه المالوفه التي كان يتحدث بها الجنس البشري كله قبل تبلبل السنتهم, تلك اللغه التي يفترض ان ابوينا الاولين قد تحدثا بها مع بعضهم بعضا ومع الحية ومع الرب في جنة عدن.
أ/وقد افترض جدلا في العصور المتاخرة ان اللغة-العبرية-هي الاولي للجنس البشري
ب/ذهب- جوروبيوس- الذي نشر مؤلفا في- انتويرب عام 1580م – يثبت فيها ان اللغة الهولندية هي اللغه التي كان يتحدث بها ادم.
ج/هناك كاتب اخر ادعي ان اللغة التي كان يتحدث بها-ادم-في الجنه هي اللغه الباسكيه.
د/وادعي اخرون ان- ادم/وحواء- كانا يتحدثان اللغه الفارسيه.
ه/كما كانت الحية تتحدث اللغة العربية.
و/اما- جبرائيل- فقد تحدث مع ابوينا الاولين باللغة التركيه.
ز/وباحث اخر يري جديا ان الرب قد تحدث الي – ادم- باللغة السويدية
ح/وان- ادم – اجاب خالقه باللغه الدنماركيه.
ط/وان الحيه تحدثت مع حواء بالغة الفرنسيه.
(الفلكلور في العهد القديم/ترجمة,د.نبيلة ابراهيم-مراجعة/د.حسن ظاظا-ص/221,225/الجزء الاول-القاهرة).
ازاء ماسلف لايسعنا سوي القول بان لغة الفور التي تكمن الكثير منها في الفاظ السن العديد من الجماعات البشرية باختلاف الوانها ومشاربها ربما كانت اللغة الاولي للجنس البشري كله وهي التي انشأ ت حضارة النوبا في السودان والحضارة الفرعونيه في مصر شمالا ويأمن علي هدا ما اورده الشيخ نسيب وهيبه الخازن ذكر فيه (النظريه الثالثه:مند السنه 1887م قال – نولدكي –وهو المستشرق الاكبر في هذا البحث,انه يميل الي الاعتقاد بان افريقيا موطن الساميين الاصلي وذلك بسبب التشابه الكبير بين اللغتين- الساميه/والحاميه- وقد اخد اخيرا بهذه النظريه العلامه – بارتون-ويقول الاب – تيلار- في صفحة ,78/79,من كتاب – تلدي نئيم – ويبدو ان الانسان قد هاجر بعد ذلك باتجاه البحر المتوسط ووصل الي المنطقه التي تلتقي بها القارات الثلاثه ,افريقيا,اسيا,اوربا,ومن هناك انتشر ووصل قوما في هجرتهم الي – سيبيريه – ومنها الي امريكه – ص11,13- من الساميين الي العرب/منشورات دار مكتبة الحياة/بيروت لبنان).
جديرا بالذكر ان سام ابن نوح الذي تنسب اللغه اليه إنما يتكلم لغة ابيه نوح عليه السلام بينما سكن سام وبنيه ,تون ,كرو,سري,روم- في دار فور وما زالت اثارهم باقيه في جبل مررا الي اليوم,بينما تفيد روايات بعض اهالي منطقة- بوري-في جبل مررا بوجود قبر سام ابن نوح وابنه- اري سومو- في تلك الناحية .
عائلة اللغات:
لقد ذهب علماء اللغة كما ورد في كتاب الدكتور-حسن ظاظا-إلي القول بأن أصطلاح تعريف اللغات بالسامية والحامية ماهو إلا إصطلاح قصد به التمييز بين هذا وذاك منها حيث قال (يقول العالم الفرنسي الأب-هنري فليش-أن ينبغي الأ نفهم من إستعمال كلمة السامية أي شيئ أكثر من إصطلاح المقصود به تيسير الأمر علي الباحثين دون أن نعتقد أن له دلالة عنصرية-إلخ/الساميون ولغاتهم, تعريف بالقرابات اللغوية والحضارية للعرب-ص/6-مكتبة الدراسات اللغوية/دار المعارف بمصر).
علما بأن لغة الفور أحد الألسن السامية قياسا علي ما تتضمنها من الكلمات التي يعود تعريفها إلي السامية بكل فروعها.
بالأشارة لأسبقية حضارة الغرب الأروبي في الوقت الحالي والتي تتحدث اللاتينية بمختلف تقسيماتها بالثقافة والحضارة, فقد أثمرت جهودها الثقافية بتأطير عائلة اللغات مما إتضح أثرها بمردود ما يعرف الان- بموسوعة اللغات- وتتكون من أربعة وعشرين إصدارا بعنوان-Encyclopedia of the world languages-collier’s Encyclopedia-Williams-D. Halsely. Maccmillan Educational Company New York. P .F .Colliers-LNC-London and new york) وأخص منها بالذكر Volume.14. of twenty four-P.309 حيث يتضمن جدوله المرفق طيه عائلة العديد من اللغات من بينهاFurian- وأحسب أن المقصود بها لغة الفور-FurX/For – التي ضمنها الإصدار تحت جدول لغات الصحراء-Sahran- دونما تحديد للموقع الذي فيه يتحدثون بها. بينما تأطرت لغة المابان-Maban Language-في حيز بلاد-تشاد/Wadai –في الوقت الذي تجد اللغة المروية-Meroitic –في اخر قائمة هدا الجدول بالتدييل-غير معروف الإنتماء/Affiliation unknown. برغم مما يستفاد من التعيين-Meroitic /أي المروية- فإن المقصود بها الناحية-مروي Meroy- الحاضرة النوبية القديمة فنسبت اللغة إليها.
وبمضاهات مسميات الشواهد الأثرية التي خلفتها تلك الحضارة علي إمتداد نهر النيل مع لغة الفور السائدة إلي يومنا هذا فإننا نكتشف تطابقا مذهلا فيما بينها بدءا بالإسم مروي الذي يعني, أرض واسعة الاطراف, وهو ما يرد في الكتاب المقدس (39/وساروا إلي مدخل- جدور/الجنادل- إلي شرق الوادي ليفتشوا علي مرعي لماشيتهم-40/فوجدوا مرعي خصبا وحيدا وكانت الأرض/واسعة الأطراف مستريحة/مرو,ئي- إلخ – ألايام الأول الإصحاح الرابع).
هذا فضلا عما توصل إليه الباحث عبدالشافع عيسي مصطفي الذي أمن علي أن الكتابة المروية التي أجلي مضامينها هي لغة الفور بالأصالة, مما توردها الموسوعة المشار إليها تحت مسمي-Furian – من ثم فإنها اللغة التي بها نشأت حضارة النوبا علي إمتداد نهر النيل.

بقلم الباحث والكاتب/زكريا سيف الدين سمين
موبايل: 249915902833+